{
الْقَارِعَةُ
} من أسماء يوم القيامة، سميت بذلك، لأنها تقرع الناس وتزعجهم بأهوالها،
ولهذا عظم أمرها وفخمه بقوله: {
الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ يَوْمَ
يَكُونُ النَّاسُ
} من شدة الفزع والهول، {
كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوث
} أي: كالجراد المنتشر، الذي يموج بعضه في بعض، والفراش: هي الحيوانات
التي تكون في الليل، يموج بعضها ببعض لا تدري أين توجه، فإذا أوقد لها
نار تهافتت إليها لضعف إدراكها، فهذه حال الناس أهل العقول، وأما الجبال
الصم الصلاب، فتكون {
كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ
} أي: كالصوف المنفوش، الذي بقي ضعيفًا جدًا، تطير به أدنى ريح، قال
تعالى:
{
وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ
السَّحَابِ
}
سورة النمل آية 88
، ثم بعد ذلك، تكون هباء منثورًا، فتضمحل ولا يبقى منها شيء يشاهد،
فحينئذ تنصب الموازين، وينقسم الناس قسمين: سعداء وأشقياء، {
فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ
} أي: رجحت حسناته على سيئاته {
فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ
} في جنات النعيم.
{
وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ
} بأن لم تكن له حسنات تقاوم سيئاته.
{
فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ
} أي: مأواه ومسكنه النار، التي من أسمائها الهاوية، تكون له بمنزلة الأم
الملازمة كما قال تعالى: {
إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا
} .
وقيل: إن معنى ذلك، فأم دماغه هاوية في النار، أي: يلقى في النار على
رأسه.
{
وَمَا أَدْرَاكَ مَاهِيَهْ
} وهذا تعظيم لأمرها، ثم فسرها بقوله هي: {
نَارٌ حَامِيَةٌ
} أي: شديدة الحرارة، قد زادت حرارتها على حرارة نار الدنيا سبعين ضعفًا.
نستجير بالله منها.